تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق الذي نشر في نفس وقت تسليمه لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في 23 نوفمبر 2011 يمكن تحميله بالكامل من الصفحة الرئيسة للموقع.

خطاب الاستاذ محمود شريف بسيوني في 23 نوفمبر 

التقرير المالي الختامي لللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق

23 11 2011

خطاب الاستاذ محمود شريف بسيوني في 23 نوفمبر

حضرة صاحب الجلالة الملك / حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل مملكة البحرين ،

حضرة صاحب السمو الملكي الأمير/ خليفة بن سلمان آل خليفه رئيس الوزراء ،

حضرة صاحب السمو الملكي الأمير/ سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد ونائب القائد الأعلى،

أصحاب المعالي والسعادة ،

السيدات والسادة الحضور …

سلام الله عليكم …
وعلى شعب مملكة البحرين الكريم … ورحمته وبركاته …

يشرفني ان أتقدم لجلالتكم باسم جميع أعضاء اللجنة التي شرفت برئاستها … وجميع من عملوا بها بتقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق … سائلًا المولى عز وجل أجر الاجتهاد ، وراجياً ثواب الإصابة.

يسعدني ، أن اشهد اليوم مع هذا الحضور الكريم حدث قانوني وسياسي هام، أحسبه الأول في تفرده وتميزه على مستوى المنطقة، لأنه وللمرة الأولى فيها، تبادر الدولة من تلقاء نفسها، وفي وقت مبكر من الأحداث، ودون انتظار لضغوط  اقليمية أو دولية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية، اخترتم أعضائها بموضوعية بالغة..لا تستهدف الاستفادة من علمهم وخبرتهم وتاريخهم وحسب.. ولكن تتغيا حيادهم وموضوعيتهم وحرصهم على خير الإنسانية وعلى تطبيق أفضل المعايير لحماية وصون حقوق الإنسان من إي اعتداء. . باعتباره الطريق الأوحد لضمان رفاهة الإنسان.

حدث تاريخي فريد واجتماعي هام، لأنه وللمرة الأولى أيضًا، تقبل حكومة ما تزال تمارس سلطتها، بأن تفتح جميع ملفاتها، وبأن تستقبل كل أنواع الاتهام الموجه ضدها، وبأن تسهل مهمة عمل من يسعى إلى تقييم أدائها، وربما إقامة الحجة على تقصيرها،  رغم إدراكها لحساسية الموقف في بلد يسوده مناخ من عدم الثقة المتبادلة والاضطراب المجتمعي، ورغم تقديرها لخطورة ما قد يترتب على ذلك من نتائج.

كما يشرفني ان اتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لمواطني هذا البلد الكريم الذين حملونا بأمانة عظيمة نرجو أن نكون على قدرها، ولجميع مؤسساته وجمعياته السياسية والحقوقية والاجتماعية والدينية، ولكافة مؤسساته الحكومية والخاصة، فجميعهم وثقوا في اللجنة.. وحرصوا على أن يصلوا إليها.. وأصروا على أن يمارسوا دورهم في كشف الحقائق..فكان لهم الفضل في إنجاز هذا العمل الكبير في ذلك الوقت القصير.

جلالة الملك ، اصحاب السمو والمعالي والسعادة، السيدات والسادة الحضور

كُلفت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بإعداد تقرير يضم ما توصلت إليه تحقيقاتها حول الأحداث التي شهدتها مملكة البحرين خلال شهري فبراير ومارس 2011 وما نجم عن تلك الأحداث من تداعيات لاحقة، كما كُلفت اللجنة بتقديم ما تراه مناسبا من توصيات بهدف محاسبة من انتهكوا حقوق وحريات المواطنين ومنع تكرار هذه الأحداث مجدداً.

وتنفيذًا لهذا التكليف اعدت اللجنة تقريرها المؤلف من إثنى عشرة فصلًا يبدأ بمقدمة حول اللجنة وأساليب عملها، ويتبعها إستعراض لتاريخ البحرين الحديث ونظام الحكم فيها، ووصف للأنظمة القانونية المطبقة خلال الأحداث محل التحقيق، وتعريف بأجهزة إنفاذ القانون في البحرين، قبل ان ينتقل إلى سرد مفصل للأحداث التي وقعت في البحرين بعامة خلال الفترة من مطلع فبراير إلى الحادي والثلاثين من مارس 2011، وللأحداث التي وقعت في مجمع السلمانية الطبي على وجه الخصوص، تمهيدًا لتقصي حقيقة وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان تكون قد اقترفتها الأجهزة الحكومية ضد الأفراد، وخاصة فيما يتعلق بحالات الوفاة التي وقعت خلال الأحداث محل التحقيق، وحالات استخدام القوة من قبل الأجهزة  الحكومية، وأسلوب تنفيذ أوامر القبض، ومعاملة الأشخاص الموقوفين، وحالات الاختفاء القسري. كما يتناول التقرير تقصي حالات هدم المباني الدينية، والفصل من العمل في القطاعين العام والخاص، وفصل الطلاب وتعليق المنح الدراسية. وينتقل التقرير بعد ذلك لمناقشة حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها أفراد ضد أفراد آخرين، وذلك من خلال استعراض الهجمات التي تعرض لها كل من العمال الأجانب المقيمين في البحرين ومدنيين من المواطنين السنة. وخصص التقرير فصلاً للبحث في الادعاءات بتدخل قوى وأطراف خارجية في الأحداث التي وقعت في البحرين، وفصل آخر لبحث المضايقات من قبل وسائل الإعلام. ثم يستعرض التقرير الخطوات التي اتخذتها الحكومة البحرينية أو تعهدت باتخاذها لمعالجة بعض انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت أو لمعالجة بعض أوجه العوار الذي تعاني منه بعض التشريعيات المحلية .

جلالة الملك ،اصحاب السمو والسعادة السيدات والسادة الحضور …

لم يكن طريق عمل اللجنة ميسرًا، فقد بدأت اللجنة عملها في مناخ مشحون، وتحت ضغط كبير من رأي عام، لا ينتظر من اللجنة أن تستمع إلى إفادات الضحايا والشهود .. وهم كُثر.. وان تجمع القرائن وتتطلع على المستندات وتتلقى التقارير وتنتقل للمعاينات..وهو عمل مضن..وأن تكفل وهى تقوم بعملها حماية الشهود وضمان سرية المعلومات التي ترد إليها..وهو أمر شاق ..وحسب..بل كان على أعضاء اللجنة ومحققيها أن يتجاوبوا مع ما يتوقعه المواطن البحريني من تدخل حاسم لوقف أية صورة من صور الاعتداء على حقوق الإنسان وحرياته …أيا كان نوعها وأياً كان المسئول عن ارتكابها.. فكان أن تلقت اللجنة ما يقرب من تسعة الاف شكوى وإفادة وشهادة وأجرت ما يتجاوز الخمسة آلاف مقابلة فردية وعشرات الاجتماعات وانتقلت لعشرات المعاينات في مختلف أرجاء بلدكم الكريم …كما سعت اللجنة إلى حث الأطراف جميعًا على حل مشاكل الطلاب الجامعيين والموظفين المفصولين أو الموقوفين عن العمل والأطباء والتخفيف من الآثار السلبية للملاحقات الجنائية .

وقامت اللجنة بانشاء قاعدة للبيانات احتوت على كافة المعلومات التي تلقتها اللجنة أو تحصلت عليها من خلال تحقيقاتها، والتي تم تصنيفها إلى عدة فئات تعكس الانماط المختلفة لانتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت خلال الفترة محل التحقيق. ولقد كان لقاعدة البيانات هذه أثر كبير في تيسير عمل اللجنة وفي إعداد تقريرها النهائي.

 

وقامت اللجنة بتحليل كافة المعلومات التي تضمنتها قاعدة معلوماتها بعد تمام تصنيفها ودون أي انتاقئية أو تفضيل لإدعاء او معلومة على أخرى، واستعانت في هذا التحليل بخبرة أعضائها وبعدد وافر من المحققين والخبراء في مختلف المجالات القانونية والطبية والهندسية والإعلامية.

وحرصت اللجنة في  على ضمان أكبر قدر من الحرفية والشفافية والاستقلالية في جميع أعمالها على اتساع نطاقها والذي شمل تقصي الحقيقة في مختلف انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت ابتداءً من حالات الوفاة، ومروراً بضحايا  التعذيب، وانتهاءً بفصل العمال ووقف الطلاب عن الدراسة. وقد حرصت اللجنة خلال تأدية هذه المهام على كفالة سرية المعلومات والإفادات التي وردت إليها.

جلالة الملك، اصحاب السمو والسعادة السيدات والسادة الحضور …

أسمحوا لي أن أوجز لكم فيما يلي الملاحظات والخلاصات العامة التي إنتهى إليها تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق :

أولاً: أدت مواجهة المظاهرات التي اندلعت في البحرين يوم 14 فبراير 2011 بالقوة وباستخدام الأسلحة النارية إلى موت المدنيين … وهو ما زاد من السخط الشعبي ورفع من أعداد المتظاهرين وأدى إلى رفع سقف مطالبهم … ومع استمرار الاحتجاجات حتى منتصف شهر مارس 2011، تدهورت الحالة الأمنية بصفة عامة، وحدثت صدامات طائفية في عدد من المناطق، ووقعت هجمات على مغتربين، وصدامات عنيفة بين الطلاب في جامعة البحرين وبعض المؤسسات التعليمية الأخرى، كما أغلق محتجون بعض الطرق الرئيسية والحيوية … وقد أدت هذه الأوضاع إلى قيام حكومة البحرين بإعلان حالة السلامة الوطنية في 15 مارس 2011.

ثانيًا: وافق جلالة الملك على قيام سمو ولي العهد بالتفاوض مع مختلف الجمعيات السياسية بهدف التوصل لحل سلمي للأزمة التي مرت بها البحرين … وعلى الرغم من المجهود المضني الذي بذله سمو الأمير سلمان … إلا أن المفاوضات الرامية للتوصل لحل سياسي لم تكلل بالنجاح … وترى اللجنة أنه لو كانت مبادرة ومقترحات سمو ولي العهد قد قبلت في حينها ، لكانت قد مهدت الطريق لإصلاحاتٍ دستوريةٍ وسياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ كبيرة في البلاد … ولكانت قد منعت الكثير من التبعات السلبية التي أعقبت أحداث فبراير ومارس 2011.

ثالثًا: كشفت تحقيقات اللجنة عن إجراء جهات إنفاذ القانون في البحرين لعدد كبير من عمليات القبض، دون ان يبرز مأموروا الضبط القضائي أوامر القبض أو حتى إخبار الأشخاص المقبوض عليهم بأسباب القبض … وفي حالات كثيرة، لجأت الجهات  الأمنية في حكومة البحرين إلى استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية مصحوبةً بسلوك  استهدف بث الرعب في نفوس المواطنين، فضلاً عن الإتلاف غير الضروري للممتلكات.

رابعًا: أثبتت تحقيقات اللجنة تعرض الكثير من الموقوفين للتعذيب ولأشكالٍ  أخرى من الانتهاكات البدنية والنفسية داخل محبسهم … الأمر الذي دلل على وجود  أنماط سلوكية معينة تقوم بها بعض الجهات الحكومية ، تجاه فئات بعينها من  الموقوفين. إن حجم  وطبيعة سوء المعاملة  النفسي والبدني، يدل على ممارسة متعمدة كانت تستهدف، في بعض الحالات، انتزاع  اعترافات وإفادات بالإكراه، بينما تستهدف في حالات أخرى العقاب والانتقام.  وكان من بين الأساليب الأكثر شيوعًا لإساءة  معاملة الموقوفين تعصيب العينين، وتكبيل اليدين، والإجبار على الوقوف لفترات  طويلة، والضرب المبرح، واللكم، والضرب بخراطيم مطاطية وأسلاك كهربائية على  القدمين، والضرب بالسياط وقضبان معدنية وخشبية وأشياء أخرى، والصعق بالكهرباء،  والحرمان من النوم، والتعريض لدرجات حرارة شديدة، والاعتداءات اللفظي، والتهديد  بالاغتصاب، وإهانة الطائفة الدينية للموقوفين من الشيعة… وبصفة عامة فإن تلك  الأفعال تندرج ضمن التعريف المُقرر للتعذيب المنصوص عليه في معاهدة مناهضة  التعذيب، والتي وقعت عليها البحرين، كما أنها تشكل انتهاكًا لقانون العقوبات  البحريني. وقد اُستخدمت هذه الاعترافات المنتزعة تحت وطأة الإكراه في المحاكمات  التي تمت سواء أمام المحاكم الخاصة المنشأة بموجب مرسوم السلامة الوطنية، وفي بعض  الحالات أمام المحاكم الجنائية العادية.

خامسًا: ترى اللجنة أن عدم مُحاسبة المسئولين داخل المنظومة الأمنية أدى  إلى انتشار ثقافة عدم المسائلة والثقة في عدم التعرض للعقاب داخل تلك المنظومة،  وبالتالي لم يقم المسئولون باتخاذ اللازم لتجنب إساءة معاملة المسجونين  والموقوفين، أو لوقف إساءة المعاملة من قبل مسئولين آخرين.

سادسًا: ثبت لدى اللجنة  أن القوات الأمنية التابعة لحكومة البحرين – وخاصة قوات  الأمن العام – خالفت في تعاملها مع المتظاهرين مبدئي الضرورة والتناسب عند استخدام  السلاح، وهما المبدئان المنظمان لاستخدام القوة من جانب موظفي إنفاذ القانون.

سابعًا: تمت محاكمة عدد كبير من الأفراد أمام محاكم السلامة الوطنية  وسُجنوا لمخالفتهم نصوص المواد أرقام 165 و168 و169 و179 و180 من قانون العقوبات  البحريني … وهي المواد التي تثير صياغتها وطريقة تطبيقها تساؤلات بشأن مدى  اتفاقها مع قانون حقوق الإنسان الدولي ودستور البحرين.

سابعًا سجلت اللجنة  انتهاكات عديدة للحق في المحاكمة العادلة أمام محاكم السلامة الوطنية … وهي  محاكم استثنائية تتشكل برئاسة قاضٍ عسكريٍ وقاضيان مدنيان .

ثامناً: إن الأسلوب الذي اتبعته أجهزة الأمن والأجهزة القضائية في تفسير  مرسوم السلامة الوطنية فتح الباب أمام ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تضمنت  الحرمان التعسفي من الحياة، والتعذيب، والتوقيف التعسفي. لقد احتُجز الموقوفون للاستجواب  لفترات امتدت إلى شهرين في بعض الأحيان، ولم يمثلوا أمام أية جهات قضائية، مع عدم  توجيه أية اتهامات رسمية إليهم في تلك الأثناء. علاوة على ذلك، سمح غياب الإشراف  القضائي أو التفتيش على أماكن الاحتجاز التي تخضع إلى تلك الأجهزة الأمنية بارتكاب  المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان.ا

تاسعًا: وقعت خمس وثلاثين حالة وفاة مرتبطة بأحداث فبراير ومارس الماضيين  بين 14 فبراير و15 إبريل 2011 ، ثلاثون منهم مدنيون وخمسة ينتمون للأجهزة الأمنية  … وقد فتحت تحقيقات من قبل الأجهزة المعنية بالجهات الأمنية والعسكرية المختلفة،  إلا أن اللجنة لديها تحفظات حول مدى فعالية بعض تلك التحقيقات التي لم تتضمن حتى  الآن سوى سماع أقوال أعضاء الأجهزة الأمنية .

عاشرًا: في الفترة ما بين 21 مارس و15 إبريل 2011، هاجمت قوات الأمن بشكل  منهجي المنازل بغية توقيف الأفراد وهو ما أدى إلى ترويع قاطني بهذه المنازل …  وكانت هذه العمليات تتم في أوقات متأخرة من الليل وقبل الفجر ويقوم بها أشخاص  ملثمون يقومون بكسر الأبواب عن قصد والدخول عنوة … وكانت هذه الممارسات ترتبط في  العادة بإهانات وسب موجه للطائفة التي ينتمي إليها هؤلاء الأفراد … وفي بعض  الحالات كانت النساء تتعرضن للإهانات من قبل أفراد الأمن .

وبشكل عام، بلغ عدد الأشخاص الموقوفين بموجب المرسوم الملكي رقم 18 لسنة  2011 أثناء إعلان حالة السلامة الوطنية عدد 2929 شخصًا، أُطلق سراح عدد 2178 شخصًا  منهم، دون توجيه أي اتهامات لهم. ومن أكثر التهم التي وجهت إلى الأشخاص الذين  مثلوا أمام محاكم السلامة الوطنية الاشتراك في الجرائم الآتية: التحريض على كراهية  النظام، والتجمع غير المصرح به، والشغب، وحمل منشورات مناهضة للحكومة، وحمل مواد  تدعو إلى الإطاحة بالنظام، والتحريض على العنف، وتهديد موظف حكومي، واستخدام العنف  ضد مسئول حكومي، والقتل العمد، والخطف، والشروع في القتل، والاعتداء، وعضوية  جمعيات غير قانونية، ونشر الشائعات التي تقوض المصلحة العامة، وهي التهم التي  ينطوي أغلبها على مساس بحريتي الرأي والتعبير المكفولان بموجب دستور البحرين  والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

حادي عشر: تعرضت عدد من دور العبادة للهدم في أعقاب أحداث فبراير ومارس  2011، وقد قامت اللجنة بتوقيع الكشف على ثلاثين من دور العبادة وتبين أن خمسة منها  فقط كانت مستوفية للشروط القانونية والإدارية اللازمة، ولكن ذلك لم يمنع اللجنة من  أن تنظر بقدر من القلق إلى توقيت الهدم … فقد كان على حكومة البحرين أن تأخذ ذلك  في الاعتبار عند تحديد توقيت الهدم وأسلوبه لأن عدم مراعاة ذلك تسبب في أن يُنظر  إلى حالات الهدم باعتبارها عقابًا جماعيًا لأنها طُبقت على أبنية شيعية في الأساس،  ومن ثم تسببت في زيادة التوتر بين الحكومة والسكان الشيعة.

ثاني عشر: في أعقاب أحداث فبراير ومارس، فصل أكثر من ألفي موظف بالقطاع  العام وأكثر من 2400 موظف من القطاع الخاص من عملهم بسبب دعمهم أو للحركة  الاحتجاجية أو مشاركتهم فيها، على أساس أن هذه الإضرابات كانت غير قانونية لأنها  لم تكن تتعلق بقضايا تخص العمل. إلا أن اللجنة ترى أن إضرابات العمال التي حدثت في  فبراير ومارس جاءت في الإطار المسموح به قانوناً.

ثالث عشر: تعرض عدد كبير من الطلاب لحالات فصل وإيقاف عن الدراسة، اتصالاً  بدورهم في أحداث فبراير ومارس، وترى اللجنة ان الجامعة طبقت معايير تعسفية وغير  واضحة عند إصدار قراراتها واتخاذها الإجراءات التأديبية … ومع ذلك، فإن اللجنة  ترحب بتحرك وزارة التربية والتعليم  بالتوازي مع قرار جامعتي  البحرين وبوليتيكنيك البحرين بالرجوع في معظم  القرارات التأديبية المتخذة ضد الطلاب.

رابع عشر: تحصلت اللجنة على أدلة كافية تثبت أنه كان هناك استهداف لأبناء  الطائفة السنية من قبل بعض المتظاهرين إما بسبب الإعلان عن ولائهم للنظام أو على  أساس انتمائهم الطائفي. فلقد تعرض السنة لإهانات لفظية واعتداءات بدنية واعتداءات  على أملاكهم الخاصة علاوة على التحرش بهم.

خامس عشر: توافرت لدى اللجنة أدلة كافية تثبت تعرض بعض الأجانب المغتربين  وخصوصًا العمال من جنوب آسيا إلى اعتداءات أثناء أحداث فبراير ومارس، وفي مقدتمهم  المواطنين الباكستانيين  وبسبب هذا الجو من  الخوف خشي بعض الأجانب من العودة إلى أعمالهم أو نشاطاتهم التجارية. ولقد رصدت  اللجنة مقتل أربعة من الأجانب المغتربين وإصابة العديد منهم على أيدي الغوغاء من  جراء هذه الاعتداءات.

سادس عشر: لم تكشف الأدلة المقدمة إلى اللجنة بشأن دور الجمهورية الإسلامية  الإيرانية في الأحداث الداخلية في البحرين عن علاقة واضحة بين أحداث بعينها وقعت  في البحرين في فبراير ومارس 2011 ودولة إيران … كما لم تعثر اللجنة على أية أدلة  تشير إلى ارتكاب وحدات قوات درع الجزيرة المنتشرة في البحرين بداية من 14 مارس  2011 أية انتهاكات لحقوق الإنسان.

سابع عشر: خلصت اللجنة إلى أن معظم المواد المذاعة على تلفزيون البحرين  احتوت على لغة مهينة وتغطية مثيرة للأحداث، وأن بعضا منها كان مسيئ للسمعة، ولكن  اللجنة لم تعثر على أدلة حول تغطية إعلامية تنطوي خطاب مفعم بالكراهية. وإن كانت  اللجنة قد انتهت إلى حدوث حالات تشويه للسمعة ومضايقات، بل وتحريض في بعض الأحيان  من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية. وقد استُهدف الصحفيون الموالون والمعارضون  للحكومة على حد سواء من خلال هذه المواقع .

جلالة الملك  حمد بن عيسى آل خليفة ، ملك مملكة البحرين …

اصحاب السمو  والسعادة السيدات والسادة الحضور …

لم  يقتصر التقرير على سرد وجمع وتحليل انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في البحرين  خلال الفترة محل التحقيق، وإنما تقدمت اللجنة بتوصيات لحكومة مملكة البحرين، وهي  كما ياتي:

أولًا: تكوين  لجنة وطنية مستقلة ومحايدة تضم شخصيات مرموقة من حكومة البحرين والجمعيات السياسية  والمجتمع المدني لمتابعة وتنفيذ توصيات هذه اللجنة، على أن تعيد اللجنة المقترحة  النظر في القوانين والإجراءات التي طبقت في أعقاب أحداث شهري فبراير ومارس 2011  بهدف وضع توصيات للمُشرِع للقيام بالتعديلات الملائمة للقوانين القائمة ووضع  تشريعات جديدة حسبما هو وارد في هذه التوصيات.

ثانيًا: وضع آلية  مستقلة ومحايدة لمساءلة المسئولين الحكوميين الذين ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون  أو تسببوا بإهمالهم في حالات القتل والتعذيب وسوء معاملة المدنيين، وذلك بقصد  اتخاذ إجراءات قانونية وتأديبية ضد هؤلاء الأشخاص بمن فيهم ذوي المناصب القيادية،  مدنيين كانوا أم عسكريين، الذين يثبت انطباق مبدأ “مسئولية القيادة”  عليهم وفقاً للمعايير الدولية .

ثالثًا: اعتبار  مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية وحدةً منفصلةً مستقلة عن التسلسل الهرمي داخل  الوزارة على أن تشمل مهامه تلقي الشكاوى والمظالم. ويجب أن يكون مكتب المفتش العام  قادرًا على حماية سلامة وخصوصية المشتكين.

رابعًا: تعديل  المرسوم الخاص بتأسيس جهاز الأمن الوطني لإبقائه جهازًا معنيًا بجمع المعلومات  الاستخبارية دون إنفاذ القانون أو التوقيف. كما يجب إقرار تشريع ينص على سريان  أحكام قانون الإجراءات الجنائية عند توقيف الأشخاص حتى أثناء سريان حالة السلامة  الوطنية.

خامساً: تبني  إجراءات تشريعية تتطلب من النائب العام التحقيق في دعاوى التعذيب والأشكال الأخرى  من المعاملة القاسية وغير الإنسانية أو المعاملة أو العقوبة المهينة.

سادسًا: إتاحة الفرصة لمراجعة جميع أحكام الإدانة الصادرة عن محاكم السلامة  الوطنية التي لم تأخذ في الاعتبار المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة.

سابعًا: القيام  بتحقيقات فاعلة في حوادث القتل المنسوبة لقوات الأمن وتحديد المسئولين عنها … وكذلك، التحقيق في جميع دعاوى التعذيب والمعاملة المشابهة من قبل هيئة مستقلة  ومحايدة، مع تأسيس هيئة مستقلة دائمة للتحقيق في كل شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة  والاستخدام المفرط للقوة أو سوء المعاملة الأخرى التي تمت على أيدي السلطات. ويجب  أن يقع عبء إثبات إتساق المعاملة مع قواعد منع التعذيب وسوء المعاملة على الدولة.

ثامنًا: تنفيذ  برنامج موسع للتدريب على قواعد النظام العام، وذلك للعاملين بقوات الأمن العام  وجهاز الأمن الوطني وقوة دفاع البحرين بما في ذلك شركات الأمن الخاصة التابعة لها  وفقا لأفضل الممارسات الصادرة عن الأمم المتحدة. ومن أجل ضمان الالتزام المستقبلي  بمدونة قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين القانون.

تاسعاً: اتخاذ  كل الخطوات الممكنة لتجنب التوقيف بدون إتاحة لممارسة حق الاستعانة سريعاً بمحام  أو منع التواصل مع العالم الخارجي … وفي جميع الأحوال، يجب أن تكون كل عمليات  التوقيف خاضعة للمراقبة الفعالة لجهاز مستقل.

عاشراً: توصي  اللجنة بأن تقيم الحكومة بصورة عاجلة، وأن تطبق بشكل قوي، برنامجا لاستيعاب أفراد  من كافة الطوائف في قوى الأمن.

إحدى عشر: تدريب  الجهاز القضائي وأعضاء النيابة العامة على ضرورة أن تكون وظائفهم عامل مساهم في  منع التعذيب وسوء المعاملة واستئصالهما.

إثنى عشر: إلغاء  أو تخفيف كل الأحكام الصادرة بالادانة على الأشخاص المتهمين بجرائم تتعلق بحرية  التعبير السياسي والتي لا تتضمن تحريض على العنف. وتخفيف أحكام الإعدام التي صدرت  في قضايا القتل المرتبطة بأحداث فبراير ومارس.

ثلاث عشر: تعويض  عائلات الضحايا المتوفين بما يتلاءم مع جسامة الضرر وتعويض كل ضحايا التعذيب وسوء  المعاملة والحبس الانفرادي. وفي هذا الصدد ترحب اللجنة بالمرسوم الملكي رقم (30)  لسنة 2011 بإنشاء الصندوق لتعويض المتضررين الصادر بتاريخ 22 سبتمبر 2011.

رابع عشر: اتخاذ  ما يلزم نحو ضمان ألا يكون من بين الموظفين المفصولين حالياً من صدر قرار فصله  بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير وحق إبداء الرأي والتجمع وتكوين جمعيات.

خامس عشر: تخفيف  الرقابة على وسائل الإعلام والسماح للمعارضة باستخدام أكبر للبث التلفزيوني  والإذاعي والإعلام المقروء.

سادس عشر: اتخاذ  إجراءات مناسبة بما في ذلك إجراءات تشريعية للحيلولة دون التحريض على العنف  والكراهية والطائفية والأشكال الأخرى من التحريض والتي تؤدي إلى خرق حقوق الإنسان  المحمية دوليا.

سابع عشر: وضع  برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح  الديني والسياسي والأشكال الأخرى من التسامح، علاوة على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة  القانون. وبصفة  عامة، توصي اللجنة حكومة البحرين بضرورة إعداد برنامج للمصالحة الوطنية يتناول  مظالم المجموعات التي، حتى لو كانت تعتقد أنها، تعاني من الحرمان من المساواة في  الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن تعم الفائدة منها على كافة طوائف  الشعب البحريني.

جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ،

اصحاب السمو والسعادة السيدات والسادة الحضور

لا يسعني في النهاية  إلا أن أتقدم بخاص العرفان لجميع من عمل في اللجنة من خبراء ومحققين ومساعدين  وإداريين، واصلوا ليلهم بنهارهم، بعيدين عن أوطانهم،على مدار خمسة أشهر، تحت إشراف  أعضاء اللجنة، لكي يظهر لكم اليوم هذا التقرير، الذي اعتبره وبحق انجاز غير مسبوق،  لأنه لم يقتصر على وصف الأحداث، وسرد سياقها، وتحري المسئولية عنها، ولكن زاد على  ذلك، تنفيذا للتكليف الصادر إلى اللجنة في قرار إنشائها، فقام بتحليل الواقع  الدستوري والقانوني والإداري لمملكة البحرين.

 

كما ارجو على جلالتكم  أن تبدأ حكومة البحرين ودون تأخير في وضع الجدول الزمني لتنفيذ التوصيات الواردة  في هذا التقرير، ومتابعة هذا التنفيذ..

يقول المولي عز وجل:
” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون” صدق الله العظيم.

حفظ الله مملكة  البحرين وشعبها، وأعزها الله برفعة الإنسان فيها وبرفاهته

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته